roubaii.mohammed

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
roubaii.mohammed

ان المنتدى سيكون مميزن وميكون رهنا اشارت الجميعة. roubaii.mohammed


    أول حـب… آخر حـب 8

    Admin
    Admin
    Admin


    المساهمات : 128
    تاريخ التسجيل : 09/08/2009
    العمر : 33
    الموقع : roub.yoo7.com

    أول حـب… آخر حـب 8 Empty أول حـب… آخر حـب 8

    مُساهمة  Admin السبت أغسطس 29, 2009 7:34 am

    تلك الحادثة أعادتها إلى الوراء، إلى تلك الأيام القاسية، وقبل أن تصل البيت، كانت قد قرّرت .‏

    جمعت حوائجها. جمعت العاملات. أسرّت إليهن بأنها تريد بعض الراحة. ستغيب أسبوعا. ألقت نظرة على كل شيء، وخرجت .‏

    في الطريق بكت. أخرجت أشرطة تحفل بالغناء العربي، وأخذت تستمع تارة صباح فخري. تارة أم كلثوم. تارة فيروز، ومع الأغنيات تضحك تارة وتبكي أخرى .‏

    لا تدري لم تلاحقها تلك الحادثة. حدث ذلك في مرحلة الطلاق. حدّثها جورج على الهاتف. بثّها أسفه الشديد لما آلا إليه، وشدّد على حديث خاص لابد من شرحه، وطلب فسحة للحوار، واتفقا على لقاء في المساء. أشار ببساطة أن تترك الباب مفتوحاً. كان هذا من إحدى العادات السابقة قبل مشاكل الطلاق .‏

    كانت جمانا تلك الفترة تقيم مع هند، وقد اطّلعت على تفصيل الطلاق الذي يجري بقسوة وأنانية وأقسمت ألاّ تتزوج بعدها. كانت ذلك المساء تغفو بعمق حين رن الهاتف. أسرعت هند تجيب. كان المتحدّث زوجها الأول جاد الصغير. كان متلهّفاً مفزوعاً. طلب منها إغلاق الباب جيداً، فالمرأة الكورية قادمة ومزمعة على قتلها .‏

    أطلّت من النافذة، وجدت المرأة تترجّل من السيارة وبيدها شيء معدني يلمع. أغلقت الباب. كانت جمانا التي استيقظت على صوت الهاتف جزعة، وانهمكتا معاً بالاتصال مع رجال الأمن الذين وصلوا للحال، وأخذوا يحاورون المرأة التي شرحت ظروفها، عن عطل بسيط أصاب السيارة، وهي الآن سترحل، هدّدها الرجل بالابتعاد عن المنطقة، فحصل أن ابتعدت. لكنها عادت بعد قليل، وقفت والتقطت الشيء اللامع من الأرض، ورحلت .‏

    حضرت ليلى وجورجي في اليوم الثاني. كانت ليلى ثائرة ومصرّة على لعبة جديدة يقوم بها جورجي للتخلص منها . مستشهدة بحديث سابق له مع إخوته، فهم يفضّلون موت الزوجة على الطلاق منها. بطّن الأصغر رأيه بأسلوب من مزاح. لكن جورج لم يمزح، فإن تختفي الزوجة من الحياة أفضل من أن تكون لرجل من بعده، وتصرّ ليلى فهو من حثّ المرأة الكورية، بطريقة ما، وبأسلوب ما، لتهديد هند أو قتلها، ويخرج هو بريئاً. تشدّد ليلى. لم لا ؟ البلد مليء بالمرضى، وهم خارج المصحّات .‏

    بكت هند في الطريق أكثر من مرة، كانت تتّجه نحو البلد القريب، هنالك ستقضي أياماً في الفندق المطل على البحيرة. ستعيش في السكينة والهدوء. ستحاول النسيان لن تتذكّر الآلام. ستفكر بلين وبالأحفاد ستختال بأنها جدة. ستعلمهم لغتها الأم وعاداتها. ستغني أغاني طفولتها، وذكرياتها في بلدتها الجميلة، وبحرها، وقرية جدها، وتتذكر شجرة التين التي زرعت من أجلها، والتي لابد قد كبرت وأثمرت، لكن الذكريات لاحقتها من جديد .‏

    كان جورج أغنى إخوته. يجمع المال باستمرار. مقتصداً في أمور حياته. لا يتعاطى الخمرة أو المقامرة، وكان ذكياً يحفظ لعبة الاستمرار. يراعي صحته. غذاءه. الرياضة. المشي، وكانوا يدعونه بالمصرف. يستلفون منه. يلبي، شرط استرجاع حقوقه، فقد أنهكه جمع المال، ولأنه استعمل ذكاءه خرجت هند صفر اليدين. كان في لحظات السكينة يسألها عن الحب، تؤكده له. يسألها. وما أملكه؟ ألا يهمك؟. لا يساوي شيئاً! هل تقصدين الكلمة؟ أقصدها. نجرّب إذن! نجرّب. ستوقعين على بعض الأوراق! أيها المجنون.أحببتك أنت وليس ما تملك، وتوقع ضاحكة، لكنه احتفظ بالأوراق التي استعملها في فترة الطلاق.‏

    هتفت لين لها .. قالت :‏

    ء عمي على حق .. أنت المخطئة .‏

    ء أنت لا تعرفين ما يحدث !‏

    ء أعرف .‏

    كانت لين تحب أمها لدرجة الجنون . فتحاول سماع أخبارها عن طريق العم الذي استحوذ على تفكيرها، والذي استطاع التأثير عليها بحجة المحافظة على الأسرة والعائلة، فيتم الإتصال بين العم ولين من جهة، ثم بين لين وأمها التي أيقنت من خطأ سيستمر، طالما تفصلها عن ابنتها مسافة ساعات، فقرّرت مغادرة توليدو . يومذاك لم يبق ما يربطها ببلدها سوى إخوتها، وذلك الارتباط الآخر، مسؤوليتها تجاه الكلبة شيبا والقطة تاشا، وذلك الأمل الأخير، يوم تفرغ عن المطعم الذي سيمنحها بعض المال، وقررت السفر إلى لاس فيغاس حيث تقطن ابنتها مع بيرت، ريثما يحين موعد الإفراغ .‏
    تلك الفترة دبّ خلاف بين لين وبيرت الذي كان وسيم الشكل. له مركز جيد في عمله. تلاحقه الفتيات من كل صوب، فيلقي الاتهام على لين التي ترفض الارتباط الكنسي به. أما هي التي رضيت بزواج مدني فلأن ذلك لن يقف عثرة أمام فكرة طارئة، فكانت تخضع علاقتهما للتجربة، فهي قد ذاقت من انفصال أبويها، ولا تريد أن تتكرّر المأساة. غير أن ما لم يكن في الحسبان وقع، فقد اكتشفت أنها حامل في أيامها الأولى .‏

    في أيام لاحقة، راودت لين فكرة إسقاط الجنين. غير أن بيرت الذي شعر بالغبن وقف في وجهها جاداً أول مرة، وأقسم أن يشكوها هي والطبيب الذي سيجهضها، إلى جهة معنية، فالطفل سيساعده على إقناع أمه بالارتباط. بدا تلك الأيام قلقاً وسعيداً في آن واحد، أما هند التي حلمت أن تكون جدة فقد وقفت إلى جانب بيرت، بمساعدة أسرته التي شاركتها الحلم، ورضخت لين للجميع، واستعدّت لاستقبال الطفل، الذي كان فالين.‏

    مضى شهر على مكوث هند في لاس فيغاس. أيقنت خلاله أنها في عالم لا يمت لها بصلة. وأن ملكيتها للبيت، والسيارة، لم يمنحاها الاستقرار، وضاعفا من مسؤولياتها أمام متطلّبات الحياة. المصرف، والأقساط. شعرت بعجز يحتلها. لم تعد هنداً المتدفقة حباً للحياة. أشارت عليها لين بالراحة والتقاعد، وعاهدتها أن تدير أعمالها. ولسوف يتكفّل المبلغ الذي ستقبضه يوم الإفراغ، ببداية مشروع تشرف عليه هي بمساعدة بيرت .‏
    هاهي تنتهي شيئاً فشيئاً، تتحوّل إلى امرأة تنتظر أن تمنّ الحياة عليها. ستستيقظ في الصباح. تتحرّك بين النوافذ. تراقب السماء والعصافير. قد تخرج من البيت أو لا تفعل. تطبخ الطعام. تضجر. تنام. تنهض. تتثاءب. كان أجمل ما تفكر به هو مجيء طفل لين. وسيحوّلها أيضاً إلى مربية. تحب ذلك كثيراً. لكن! لا تريد أن تنتهي. لا تريد أن تقف عن الاستمرار. يجب أن تمارس لين أمومتها كما فعلت هي، وستلبي نداءها كلما احتاجت إليها. ستقف إلى جانبها في كل الظروف. لكن لن تقبل أن تتوقّف عن العطاء .‏

    صرّحت للين عن رغبتها في السفر، وعن قرارها الأخير بالعمل في توليدو، وستبتدىء هناك من جديد. كان صاحب الأرض ينتظر قدومها لإتمام معاملة الإفراغ .‏

    استقبلها هانك وزوجته. كانا مبتهجين، فقد اطّلعا على بناء مهجور، ويقع في منطقة هامة من البلد، يتألف من بيت صغير، لصقه مطعم يحتاج إلى التجديد، معروض للبيع، وأبديا رأيهما بثمنه المتواضع .‏

    ابتهجت. الثمن موجود، وهو ما ستستلمه من مالك الأرض، لكنها انقبضت ثانية، ستصبح صفر اليدين. لن يبقى معها ما ترمّم به البناء. فالمصرف لن يقرضها، فهي ملتزمة بأقساط كثيرة ، وليس لها ضمانة تقيها، لا مدخول. لا وارد. كانت تعاين المكان. كان كبيراً، خرباً. تحيط به حديقة وأرض اسفلتية. شعرت بالكآبة، فالمكان يحتاج لمجهود كبير، وصرف المبالغ لإعادة الحياة إليه.‏

    تذكّرت فكرة ابنتها في لاس فيغاس، وكيف سيشرفان هي وبيرت على العمل. تذكّرت وعدها الأخير له بالزواج الكنسي. وشرطها أن يحدث في توليدو بحضور أبيها وعمّيها. لكن هند مازالت تخاف من لين التي صدمتها الأيام ء كما تقول ء بالكثيرين، ففي أعماقها رغبة عميقة الجذور بتكوين بيت وأسرة سعيدين، فإن لم يلتزم بيرت بذلك، فربما تغادره لين أخيراً إلى غير رجعة، وتغادر لاس فيغاس، وتحط الرحال في توليدو .‏

    حين انفردت بنفسها، ألقت نظرة حولها تستكشف معالم البيت الصغير الذي دفعت إيجار الإقامة فيه لشهرين. نادت شيبا وتاشا اللتين استردتهما من صديقتها. شعرت بالوحدة، والخوف، حسبت عمرها والزمن المتبقي لحياة كريمة . تذكّرت جورج الذي يتوقّع لها مزيداً من الفشل والشقاء، وحلمه أن تعلن احتياجها. كانت تائهة التفكير. نهضت تشكو همها لأختها ليلى.‏

    كانت ليلى كعادتها هادئة. أشارت لابد من منفذ وطريقة، وريثما يلتقيان ستفكر، ثم يتناقشان في الأمر .‏

    سألتها ليلى :‏

    ء هل استلمت المال ؟‏

    ء لا .‏

    ء هل يكفي المبلغ لشراء العقار بأكمله ؟‏

    ء يكفي .. لكنه خرب .‏

    ء افتحي ذهنك قليلاً. سأساعدك بقدر استطاعتي، وسيساعدك بعض الأصدقاء، وحين يتم العمل تدعين المصرف لمعاينة المكان، وحين تعملين سيقرضك المبلغ المطلوب .‏

    ابتهجت هند فجأة . نهضت تعانق ليلى . قالت مستدركة :‏

    ء ومن تقصدين بالأصدقاء ؟‏

    ء ليندا وهانك، أو بيل، أو بعض الأصدقاء في الجالية العربية . لا أعتقد أنهم سيردّون لك مطلباً.‏

    شعرت بالراحة والاطمئنان، واكتشفت أن الأمور ستسير على ما يرام. كانت تتحرّك في أرجاء البيت الصغير بسعادة، وفي غمرة الهدوء الذي غمر الأشياء. لاحظت أن شيبا تخطو ببطء. واهنة، متهدّلة الأذنين. أسرعت تمسح فوق رأسها، هيء لها أنها تبكي. داعبتها قليلاً. غير أنها ازدادت ضعفاً. وقبل أن تخلد إلى النوم. كان في ذهنها زيارة طبيب شيبا من مشاريعها الصباحية .‏

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20, 2024 3:53 am