أول حـب… آخر حـبء ستحصل، وتصبح سيناتوراً. أنت أجدر من كثيرين .
ء هل تعتقدين هذا ؟
ء طبعاً.
مرّت ثوان. قال :
ء ستكون هديّتي لابنتي !
ء كيف حالها ؟
ء إنها محامية جيّدة .. وناجحة في العمل، كما كانت في الدراسة .
ء جميل !
تذكّرت ما ألحق به في السابق من عار. شغلت نفسها بالحديث. قالت:
ء سنعمل بصدق للانتخابات القادمة .
ضحك. قال :
ء لدينا من الوقت الكثير .
نهض. بدت تينا وكأنها تعاكسه بضحكتها . ألقى عليها تحية تحبّب. ودّع هنداً، وغادر .
دخلت هند المطبخ. كانت العاملة ميري منهمكة بإعداد وجبات الطعام. أحسّت نحوها بالامتنان، إنها أكثر العاملات نشاطاً وحيوية، تنحصر تطلّعاتها بتأمين عمل، لا مشاكل لديها، أو اهتمامات خاصة، فأكثر ما يشغلها هو تأمين الغذاء ومصاريف أبنائها الأربعة، والذي لوّن الحب أحدهم بالأسود . كانت هند في رحلة من مقارنات بين ميري والأخريات، حين فوجئت بإحدى الفتيات اللواتي يرتدن المطعم، وكانت قد انفصلت عن صديقها، واستعاضت عنه بآخر. كانت هند منشغلة عن التفكير بها، فهموم الناس لا تحصى، وقد أتاح لها عملها معاينة أمثالها في المجتمع الأمريكي، أولئك الفتيات اللواتي انحصر همّهن بالملذّات، واعتقدن أنها الهم والقضية، أولئك يعملن عند الحاجة القصوى، ويبعثرن الوقت بالسهر أو النوم، أو قتل الوقت بالتوافه، غير أن الفتاة سألت هنداً وبطريقة جادة، قائلة :
ء هل أنت متزوّجة ؟
فوجئت هند بها وبسؤالها. أجابت ببرود :
ء لا!
حافظت الفتاة على الجدّية، وسألت بإصرار :
ء إذن لك صديق !
تأففت هند. التفتت إليها مؤكّدة :
ء لا .. ليس لي صديق، ولن يكون لي صديق .
ابتسمت الفتاة .. عقدت ذراعيها، وسألت ببساطة :
ء هل أنت سحاقية ؟
بين ذهولها ودهشتها. انفجرت هند قائلة :
ء كنت متزوّجة، والآن مطلّقة. استبدلني زوجي بامرأة كورية المنبت .
قاطعتها الفتاة ببساطة أيضاً قائلة :
ء أنا آسفة للسؤال، وخرجت .
جلست هند القرفصاء. أحاطت رأسها بيديها. كان لديها رغبة بالبكاء. مرّ شريط الحياة. صور من الماضي. طفولتها العذبة. بلدها الحبيب. زواجها الأول. زواجها الثاني. تذكّرت كلمات أختها ليلى:
ء زوجك الأول عذّب جسدك، والثاني سيعذّب روحك .
لقد تركاها حطاماً، هو وأخوه. لملمت دمعتها. استندت إلى الجدار. كانت ميري تراقبها بصمت . تلك اللحظة دخل هانك . أسندت رأسها فوق كتفه وهي تشهق بالبكاء. قال :
ء ليندا في الخارج تنتظرك !
مسحت دمعتها. ستخرج إلى ليندا زوجة هانك، إنهما أكثر من وقفا معها في محنتها . ربتت على كتف ميري وخطت نحو الصالة .
تينا أكثر الفتيات اللواتي يعملن عند هند حنكة وذكاء . أنهت تعليمها الجامعي بتفوّق. يقال إن اسمها في لائحة الشرف ( فالي فكتوريان) حيث يسجّل أسماء البارزين فيها. أحبت الصلاة في الكنيسة منذ نعومة أظفارها، فأسرتها تنتمي إلى (المعموديين) نسبة إلى النبي يوحنا المعمدان، وتسري الصلاة بأن يصبّوا غضبهم على بعضهم بعضاً. يهجمون بالسلام، أو يرفعون الكلفة مع الله، كأن تعلو أصواتهم عليه. لكنها لا تعرف من أين أتت هذه العادة، كما تحب العمل في البارات لعادة تأصّلت فيها، منذ سني مراهقتها. كانت ترقص عارية في ملاه خاصّة بالرجال . لها جسد متناسق. ساقاها طويلتان. ردفاها ممتلئان. صدرها منتفخ على الدوام، وحين ترهّل لاحقته بحقن السيليكون. تعتز بثدييها الهاربين من ثوبها الملتصق بجرأة. تهوى ترك البصمات عند الآخرين. تلفت الانتباه إلى ما ينم عنها من تصرّفات. تلقي الطرف والنكات وتضحك للجميع، دون استثناء. لتكسب ود الآخرين، وليستمعوا إلى ما تقوله دون نقاش، وهم يحبونها كما يحبون زوجها الذي يحضر أحياناً، ويغض الطرف عن تصرفاتها، أو يبتسم لها معلناً عن قدومه . كانت مدركة مدى حبه لها. ومذ تزوّجا قبل ثلاثة عشر عاماً، لم يتشاجرا، أو يحدث بينهما من خلاف. متّفقان على الدوام. يقول إنه يثق بها، وأنها تستحق الثقة، والحب. يجلس في مكان منزو. ينتظر انتهاء وصلتها في العمل، ليعودا معاً إلى الأبناء. أما ابنها (تيو) فقد ورث الذكاء عنها، فهو متفوّق أيضاً، باستطاعته البروز في كل مجال، وترك أكثر من بصمة. يشهد على هذا معلموه في المدرسة، التي يغادرها في أحيان كثيرة، وبعد إتمام يومه الدراسي، ليتجه إلى الجامعة، وهناك يختار الفرع الذي يرغب أن يكون به ذلك اليوم، وكم تحدّثوا عن استيعابه الذي يوازي استيعاب طلاّب الجامعة، فيلاحقه الإعلام باستمرار، إلى أن لاحقه ذات يوم ليظهر على شاشات التلفاز خاضعاً للأسئلة والاستغراب .
انبرى أحد الحاضرين مشجّعاً .. قال :
ء لابد أن يكون لهذا الولد شأن !
ضحكت تينا وهي تهزّ ردفيها .. أجابت :
ء أجل .. شأن كشأني أنا !
بقيت تينا طوال يومها مغتبطة . لم تردّ ضيافة أحد من روّاد البار. شربت حتى الثمالة. هزّت خصرها ووركيها. غنّت. تمايلت. إنها صديقة الجميع. يشكون لها همومهم، ويشاركونها قضاياها، وتشعرهم بأهميتهم عندها. كان لها نخبة من الأصدقاء، يحضرون خصّيصاً لحديث مطوّل، فلا تبخل على أحد بثرثرة أو نصيحة. يكون زوجها خلال ذلك يراقب بعينين مدوّرتين، فتبدو كتفاه متهدّلتين، ربما لطوله الواضح، وهزاله، وربما لضيق مساحة صدره، لا بطن له ولا عضلات، له خصلات شعر خفيف، تتهدّل على جبينه، فيبدو وجهه كطفل ينتظر قطعة حلوى. فمه مدوّر كعينيه اللتين تنبعث منهما الخيبة. كان مستسلماً على الدوام لما يبدر عن تينا، التي تبدو أكثر قوة وصلابة. يقول إنه معجب بها، واثق من حبها ومن تصرّفاتها خلال العمل الذي هو جزء من مهنتها ،فهي لا تنام إلا معه. إنها له أولاً وأخيراً، لقد منحته أبناء أذكياء، غير أنه يقعي على نفسه، يراقبها وهي تمنح وقتها للآخرين، وينقّل بصره بين الوجوه المعجبة التي تلاحقها فيأتيه اعتقاد بوفاء تينا التي يزغرد السر في أعماقها بعيداً عن العيون، وعن زوجها ورواد البار، فعشيقها لا ينتمي إلى طبقة البارات. كان هذا يبهج تينا، وهي التي يتطلّب منها عدم الالتزام خلال العمل بأحد، وهي لا تريد خسارة عملها، أو خسارة الآخرين. تلك العلاقات الموزعة بين الجميع، ومقيّدة بحدود البراءة، فلا يمنع أن تخص أحداً بحديث، أو اهتمام، لكن أن تنصرف بكليّتها إلى رجل ما، فهذا ما كان يخيف الزوج، وكان هذا سر من أسراره العظيمة، المراقبة بصمت وهدوء، فيصل إلى قناعة من سويّتها، ينهض إثر إشارة منها. تكون وصلتها قد انتهت. يخرجان. يتأبط ذراعها أو يضم خصرها، ويلقي نظرة على المكان وكأنه كسب كنزه الذي كان مهدّداً بالفقدان .
اعترفت تينا لزميلتها جينا بسرّها الذي أخفته عن الجميع، وكيف تسرق الوقت لتلتقي بعشيقها بعيداً عن العيون، أما الذي لم يخجلها أبداً وتحدّثت به في أكثر من موقف، فكان من ذكريات المراهقة الأولى، والعمل الأول في نادي العراة، وعمرها الذي لا يتجاوز الثالثة عشرة. تذكر ذلك اليوم جيداً، وعلاقتها الأولى مع الرجال، وصديقها الخاص الذي كان مغرماً بلعبة البيسبول، والذي خفق قلبها له، وقرّرت منحه الحب والجسد، كانت ما زالت عذراء، تحلم كغيرها من الفتيات بممارسة الجنس الذي سيمنحها الأنوثة والجمال. كان والدها غائباً ذلك اليوم، تلك الذكرى التي لن تنساها، وكانا يتّجهان إلى البيت الصغير، مستسلمة لما سيكون وما سيحدث، حين استلقت تنتظر المجهول. تذكر أنها أغمضت عينيها. ربما خجلت، أو خافت . تلك اللحظات التي لا تنسى، وهو يبدي امتعاضه ويتأفّف. أشار بأنها ليست مهيّأة لممارسة الجنس، وليست مسؤوليته أن يفض بكارة عذراء. حدث ذلك بلمح البصر. شعرت بشيء قاس يدخل فيها، وألم يتوضّع في أنحاء جسدها. عرفت من خلال الألم الذي أصابها، أن صديقها الذي أحبته قد اخترقها بعصا البيسبول المخصّصة للعب، وبين بكائها الذي لا تنساه دخل والدها، الذي جنّ لما حصل، وانهال عليه ضرباً بتلك العصا. غير أن الشاب أثار قضية الإهانة التي ألحقها به الأب، فأوقف الأب رهن التحقيق، وصدر عليه حكم الغرامة والسجن، لاعتدائه على لاعب بيسبول قد يكون شهيرا في يوم ما .
تضحك تينا كلما تذكّرت. أنه لاعب البيسبول، الذي لم يحقق الشهرة أبداً.
ء هل تعتقدين هذا ؟
ء طبعاً.
مرّت ثوان. قال :
ء ستكون هديّتي لابنتي !
ء كيف حالها ؟
ء إنها محامية جيّدة .. وناجحة في العمل، كما كانت في الدراسة .
ء جميل !
تذكّرت ما ألحق به في السابق من عار. شغلت نفسها بالحديث. قالت:
ء سنعمل بصدق للانتخابات القادمة .
ضحك. قال :
ء لدينا من الوقت الكثير .
نهض. بدت تينا وكأنها تعاكسه بضحكتها . ألقى عليها تحية تحبّب. ودّع هنداً، وغادر .
دخلت هند المطبخ. كانت العاملة ميري منهمكة بإعداد وجبات الطعام. أحسّت نحوها بالامتنان، إنها أكثر العاملات نشاطاً وحيوية، تنحصر تطلّعاتها بتأمين عمل، لا مشاكل لديها، أو اهتمامات خاصة، فأكثر ما يشغلها هو تأمين الغذاء ومصاريف أبنائها الأربعة، والذي لوّن الحب أحدهم بالأسود . كانت هند في رحلة من مقارنات بين ميري والأخريات، حين فوجئت بإحدى الفتيات اللواتي يرتدن المطعم، وكانت قد انفصلت عن صديقها، واستعاضت عنه بآخر. كانت هند منشغلة عن التفكير بها، فهموم الناس لا تحصى، وقد أتاح لها عملها معاينة أمثالها في المجتمع الأمريكي، أولئك الفتيات اللواتي انحصر همّهن بالملذّات، واعتقدن أنها الهم والقضية، أولئك يعملن عند الحاجة القصوى، ويبعثرن الوقت بالسهر أو النوم، أو قتل الوقت بالتوافه، غير أن الفتاة سألت هنداً وبطريقة جادة، قائلة :
ء هل أنت متزوّجة ؟
فوجئت هند بها وبسؤالها. أجابت ببرود :
ء لا!
حافظت الفتاة على الجدّية، وسألت بإصرار :
ء إذن لك صديق !
تأففت هند. التفتت إليها مؤكّدة :
ء لا .. ليس لي صديق، ولن يكون لي صديق .
ابتسمت الفتاة .. عقدت ذراعيها، وسألت ببساطة :
ء هل أنت سحاقية ؟
بين ذهولها ودهشتها. انفجرت هند قائلة :
ء كنت متزوّجة، والآن مطلّقة. استبدلني زوجي بامرأة كورية المنبت .
قاطعتها الفتاة ببساطة أيضاً قائلة :
ء أنا آسفة للسؤال، وخرجت .
جلست هند القرفصاء. أحاطت رأسها بيديها. كان لديها رغبة بالبكاء. مرّ شريط الحياة. صور من الماضي. طفولتها العذبة. بلدها الحبيب. زواجها الأول. زواجها الثاني. تذكّرت كلمات أختها ليلى:
ء زوجك الأول عذّب جسدك، والثاني سيعذّب روحك .
لقد تركاها حطاماً، هو وأخوه. لملمت دمعتها. استندت إلى الجدار. كانت ميري تراقبها بصمت . تلك اللحظة دخل هانك . أسندت رأسها فوق كتفه وهي تشهق بالبكاء. قال :
ء ليندا في الخارج تنتظرك !
مسحت دمعتها. ستخرج إلى ليندا زوجة هانك، إنهما أكثر من وقفا معها في محنتها . ربتت على كتف ميري وخطت نحو الصالة .
تينا أكثر الفتيات اللواتي يعملن عند هند حنكة وذكاء . أنهت تعليمها الجامعي بتفوّق. يقال إن اسمها في لائحة الشرف ( فالي فكتوريان) حيث يسجّل أسماء البارزين فيها. أحبت الصلاة في الكنيسة منذ نعومة أظفارها، فأسرتها تنتمي إلى (المعموديين) نسبة إلى النبي يوحنا المعمدان، وتسري الصلاة بأن يصبّوا غضبهم على بعضهم بعضاً. يهجمون بالسلام، أو يرفعون الكلفة مع الله، كأن تعلو أصواتهم عليه. لكنها لا تعرف من أين أتت هذه العادة، كما تحب العمل في البارات لعادة تأصّلت فيها، منذ سني مراهقتها. كانت ترقص عارية في ملاه خاصّة بالرجال . لها جسد متناسق. ساقاها طويلتان. ردفاها ممتلئان. صدرها منتفخ على الدوام، وحين ترهّل لاحقته بحقن السيليكون. تعتز بثدييها الهاربين من ثوبها الملتصق بجرأة. تهوى ترك البصمات عند الآخرين. تلفت الانتباه إلى ما ينم عنها من تصرّفات. تلقي الطرف والنكات وتضحك للجميع، دون استثناء. لتكسب ود الآخرين، وليستمعوا إلى ما تقوله دون نقاش، وهم يحبونها كما يحبون زوجها الذي يحضر أحياناً، ويغض الطرف عن تصرفاتها، أو يبتسم لها معلناً عن قدومه . كانت مدركة مدى حبه لها. ومذ تزوّجا قبل ثلاثة عشر عاماً، لم يتشاجرا، أو يحدث بينهما من خلاف. متّفقان على الدوام. يقول إنه يثق بها، وأنها تستحق الثقة، والحب. يجلس في مكان منزو. ينتظر انتهاء وصلتها في العمل، ليعودا معاً إلى الأبناء. أما ابنها (تيو) فقد ورث الذكاء عنها، فهو متفوّق أيضاً، باستطاعته البروز في كل مجال، وترك أكثر من بصمة. يشهد على هذا معلموه في المدرسة، التي يغادرها في أحيان كثيرة، وبعد إتمام يومه الدراسي، ليتجه إلى الجامعة، وهناك يختار الفرع الذي يرغب أن يكون به ذلك اليوم، وكم تحدّثوا عن استيعابه الذي يوازي استيعاب طلاّب الجامعة، فيلاحقه الإعلام باستمرار، إلى أن لاحقه ذات يوم ليظهر على شاشات التلفاز خاضعاً للأسئلة والاستغراب .
انبرى أحد الحاضرين مشجّعاً .. قال :
ء لابد أن يكون لهذا الولد شأن !
ضحكت تينا وهي تهزّ ردفيها .. أجابت :
ء أجل .. شأن كشأني أنا !
بقيت تينا طوال يومها مغتبطة . لم تردّ ضيافة أحد من روّاد البار. شربت حتى الثمالة. هزّت خصرها ووركيها. غنّت. تمايلت. إنها صديقة الجميع. يشكون لها همومهم، ويشاركونها قضاياها، وتشعرهم بأهميتهم عندها. كان لها نخبة من الأصدقاء، يحضرون خصّيصاً لحديث مطوّل، فلا تبخل على أحد بثرثرة أو نصيحة. يكون زوجها خلال ذلك يراقب بعينين مدوّرتين، فتبدو كتفاه متهدّلتين، ربما لطوله الواضح، وهزاله، وربما لضيق مساحة صدره، لا بطن له ولا عضلات، له خصلات شعر خفيف، تتهدّل على جبينه، فيبدو وجهه كطفل ينتظر قطعة حلوى. فمه مدوّر كعينيه اللتين تنبعث منهما الخيبة. كان مستسلماً على الدوام لما يبدر عن تينا، التي تبدو أكثر قوة وصلابة. يقول إنه معجب بها، واثق من حبها ومن تصرّفاتها خلال العمل الذي هو جزء من مهنتها ،فهي لا تنام إلا معه. إنها له أولاً وأخيراً، لقد منحته أبناء أذكياء، غير أنه يقعي على نفسه، يراقبها وهي تمنح وقتها للآخرين، وينقّل بصره بين الوجوه المعجبة التي تلاحقها فيأتيه اعتقاد بوفاء تينا التي يزغرد السر في أعماقها بعيداً عن العيون، وعن زوجها ورواد البار، فعشيقها لا ينتمي إلى طبقة البارات. كان هذا يبهج تينا، وهي التي يتطلّب منها عدم الالتزام خلال العمل بأحد، وهي لا تريد خسارة عملها، أو خسارة الآخرين. تلك العلاقات الموزعة بين الجميع، ومقيّدة بحدود البراءة، فلا يمنع أن تخص أحداً بحديث، أو اهتمام، لكن أن تنصرف بكليّتها إلى رجل ما، فهذا ما كان يخيف الزوج، وكان هذا سر من أسراره العظيمة، المراقبة بصمت وهدوء، فيصل إلى قناعة من سويّتها، ينهض إثر إشارة منها. تكون وصلتها قد انتهت. يخرجان. يتأبط ذراعها أو يضم خصرها، ويلقي نظرة على المكان وكأنه كسب كنزه الذي كان مهدّداً بالفقدان .
اعترفت تينا لزميلتها جينا بسرّها الذي أخفته عن الجميع، وكيف تسرق الوقت لتلتقي بعشيقها بعيداً عن العيون، أما الذي لم يخجلها أبداً وتحدّثت به في أكثر من موقف، فكان من ذكريات المراهقة الأولى، والعمل الأول في نادي العراة، وعمرها الذي لا يتجاوز الثالثة عشرة. تذكر ذلك اليوم جيداً، وعلاقتها الأولى مع الرجال، وصديقها الخاص الذي كان مغرماً بلعبة البيسبول، والذي خفق قلبها له، وقرّرت منحه الحب والجسد، كانت ما زالت عذراء، تحلم كغيرها من الفتيات بممارسة الجنس الذي سيمنحها الأنوثة والجمال. كان والدها غائباً ذلك اليوم، تلك الذكرى التي لن تنساها، وكانا يتّجهان إلى البيت الصغير، مستسلمة لما سيكون وما سيحدث، حين استلقت تنتظر المجهول. تذكر أنها أغمضت عينيها. ربما خجلت، أو خافت . تلك اللحظات التي لا تنسى، وهو يبدي امتعاضه ويتأفّف. أشار بأنها ليست مهيّأة لممارسة الجنس، وليست مسؤوليته أن يفض بكارة عذراء. حدث ذلك بلمح البصر. شعرت بشيء قاس يدخل فيها، وألم يتوضّع في أنحاء جسدها. عرفت من خلال الألم الذي أصابها، أن صديقها الذي أحبته قد اخترقها بعصا البيسبول المخصّصة للعب، وبين بكائها الذي لا تنساه دخل والدها، الذي جنّ لما حصل، وانهال عليه ضرباً بتلك العصا. غير أن الشاب أثار قضية الإهانة التي ألحقها به الأب، فأوقف الأب رهن التحقيق، وصدر عليه حكم الغرامة والسجن، لاعتدائه على لاعب بيسبول قد يكون شهيرا في يوم ما .
تضحك تينا كلما تذكّرت. أنه لاعب البيسبول، الذي لم يحقق الشهرة أبداً.