roubaii.mohammed

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
roubaii.mohammed

ان المنتدى سيكون مميزن وميكون رهنا اشارت الجميعة. roubaii.mohammed


    أول حـب… آخر حـب 17

    Admin
    Admin
    Admin


    المساهمات : 128
    تاريخ التسجيل : 09/08/2009
    العمر : 33
    الموقع : roub.yoo7.com

    أول حـب… آخر حـب 17 Empty أول حـب… آخر حـب 17

    مُساهمة  Admin السبت أغسطس 29, 2009 5:58 pm

    ء أين هما ؟‏

    تململت الأم. أجابت :‏

    ء معها !‏

    ء كيف ؟ ولم ؟‏

    ء هذا ما حدث. كانا بشوق إليها. ذهبا برغبتيهما .‏

    لاحظت نور لهفة كاظم وارتباكه. لم تشأ التدخل. فللبلد الأمريكي خصوصياته. قد يكون العمل، أو العمال، أو. لكن الأمر هام، وفي لحظة هدوء. سألت الأم بهمس وببعض التخوف:‏

    ء ما الأمر ؟‏

    ارتبكت الأم قليلاً. أشاحت مطرقة وهي تشير إلى كاظم وتقول:‏

    ء اسأليه!‏

    وبصوت ملئ بالحنان سألت :‏

    ء ما الأمر؟ ماذا يحدث ؟‏

    لم يجب كاظم. نهضت الأم التي غيّب ابنها رغبتها، وإصرارها على نقل الصورة الحقيقية عن حياته إلى نور. نهض هو. رفع سماعة الهاتف. تحدّث بانفعال. لم تكن تفهم اللغة الأمريكية جيداً. لكنه يتحدث مع امرأة. يهددها. أغلق السماعة. جلس ووجهه بين كفيه، وهب فجأة متجهاً نحو الخارج مصفقاً الباب وراءه.‏

    حلّ الصمت. كانت المسافة تتسع بين نور والأم مع مرور الدقائق. غاب الحنين الذي طغى على اللقاء الأول، وانشغلت كل منهما بأمورها. كانت نور منكمشة ومرتبكة وقد انهمكت بفتح حقائبها، فهل لقدومها ما جلب السوء إلى البيت الهادئ؟ وبقيت في توجس إلى أن عاد كاظم .‏

    سمعت صوته، وأصوات صبية. خرجت من الغرفة متهيّبة. لم ينتبه لوجودها أحد. كان كاظم وأمه وبينهما طفلان متقاربان في العمر. كان الجميع غارقاً في ثرثرة طويلة. كيف ولماذا؟ إلى أن واجه الطفلين بحديث مطوّل، عن حياتهما الجديدة التي شغلته طويلاً، وكلفته الوقت والمال، وتكبد عناء السفر، ليصنع أسرة تليق بهما، وعليهما منذ اللحظة نسيان جينا، فهي ليست أماً كما يجب. أما أمهما التي ستحيا معهما باستمرار. حضرت هذا اليوم، وسيكونان لها مطواعين، لأنها سترعاهما وتنشئهما كما نشأ أبوهما الذي يحبهما، ويفعل المستحيل لأجلهما .‏

    ارتبك كاظم وقد لاحظ نور. كان الطفلان خلال ذلك ينظران إليها، وكأنهما يستكشفان معنى وجودها بينهم. بدا كاظم في حرج شديد، وكانت هي تتمشّى بصعوبة نحو أقرب أريكة، لتسقط فوقها بذهول .‏

    لم تنم نور تلك الليلة. تبكي أحياناً أو تشتم، وتلعن البلد الأمريكي، أو تروح في هجوم على كاظم وأمه، وأعلنت عن رغبتها بالعودة إلى مسقط رأسها، ولم تهدأ تلك الليلة، فهي في أجواء من النفاق والكذب، وهي تكره وجودها في هذا البيت الذي ستغادره حتماً.‏

    خلال ذلك اهتم كاظم باستبدال رقم هاتفه، وأوعز إلى أمه ألاّ تهتف أمام نور لأحد. كانت الأم تطيب خاطر ابنها، فالأمور ستسير على ما يرام، فمن الطبيعي ما حدث، وستتكفل الأيام بمزيد من التعود للجميع .‏

    بدت هند منشغلة منذ الصباح. تروح وتجئ إلى المطبخ، وتعود إلى الهاتف، فالمناسبة هامة، وعليهم الاهتمام بكولمان والابنة والصهر كما يجب، انضم إلى العاملات هانك، وانشغل الجميع بتحضير الأطعمة، فقد عودتهم هند في مناسبات كهذه، تقديم الأطعمة العربية. كانوا يتذوقون كل صنف على حدة، ويتلذّذون بالطعم، ويعلّقون على المواد، ويستغربون. كل شيء موجود في توليدو، غير أن أحداً لا يفكر بالطريقة. ضحكت هند التي تدرك قيمة الوقت، ومعنى التفرّغ لوجبة غنية. تذكّرت أمها، وأمهات بلدها، تذكّرت النساء العاملات والمسؤولات عن العمل الوظيفي وبيوتهن في آن معاً، فيسعين لتقديم الوقت والفرص لأفراد الأسرة، الصغير والكبير، فينشدن الراحة للجميع.‏

    نهضت لتدعو بقية الأصدقاء. عيّنت الساعة والمناسبة واستعدت للخروج، فلبعض الأشخاص مكانة تليق بدعوتهم شخصياً، وبطريقة أكثر تقديراً. امتطت السيارة وخرجت .‏

    غصّ المكان بالناس. كان أكثرهم حركة كولمان، بوجهه الباش. كان يرتدي سترة داكنة وقميصاً أبيض، ويضع على صدره شارة الحزب الذي ينتمي إليه. كان الموجودون ديموقراطيي الاتجاه، وكانوا يتحرّكون حوله بإعجاب، وهم يعلنون له الولاء الأكيد .‏

    كان موعد الانتخابات بعيداً، وكانت المناسبة تخص الابنة وارتباطها الزوجي القريب، غير أن الحديث تشعّب ليصل إلى أحلام كولمان، فهم مصرّون على انتخابه، وقدم كل منهم وعداً بالسعي، وتوزيع النشرات عن سيرته، فهو يستحق العضوية بجدارة، وما حدث في انتخابات سابقة من تشهير بحقه بات مكشوف الغاية، وما حازه من أصوات يبشر بنجاح أكيد، أما ابنته التي ما فتئت تعجب به. كانت كالوردة النضرة، وكانت عيون خطيبها تلاحقها بإعجاب.‏

    بدت هند سعيدة. كان حولها ليلى وجورجي اللذان أسهما بالمساعدة، وكانا يتذوّقان المأكولات ويصرّان على الطعم الذي يذكّرهما ببلدهما الأم، وكانا في حالة قصوى من السعادة. علّق جورجي على جمانا الغائبة، بأنها أيضاً تجيد صنع المأكولات العربية .‏

    تشكّر كولمان هنداً في الأخير على سعيها المتواصل، كما فعلت ابنته وخطيبها . كان الجميع يستعدّون للمغادرة. بدت سعيدة وهي تفكر أن كولمان سيصبح سيناتوراً. غادرها الجميع، عدا العاملات اللواتي بقين يساعدنها حتى وقت متأخر .‏

    دقائق وأصبحت في البيت. استلقت على الأريكة. استرجعت أحداث الحفل. أحسّت بالراحة. وقبل أن تغفو تذكّرت الرجل العربي. فكّرت بأنها قد نسيت انتظاره. ضحكت من نفسها طويلاً. نهضت. أشعلت لفافة تبغ. أدارت آلة التسجيل. كان صوت أم كلثوم يصدح .‏

    لكنه سيأتي. إحساسها يقول بأنه سيأتي، وحين غفت كانت صورة الصغيرة فالن، تملأ قلبها وعينيها .‏

    قبل أن يدخل المطعم. التقت عيناها بعينيه. تلك المشاعر التي نسيتها منذ زمن، والتي كانت تربكها وتتحكم في حركتها. تتوقف اللحظة عن الاستمرار. يركن الزمن، فتفقد الذاكرة والقدرة. تنسى الحركة والخطوة. تدور باحثة عن شيء ما. عن مهرب. عن يد. عن وجه. يحاصرها المكان والوجوه. تخطو حاملة نبضات قلبها وشحوب خدّيها. يصبح الهروب أقصر الطرق وأنجاها .‏

    كان هذا في زمن مضى. أما اليوم؟ فهي أقوى وأكثر نضجاً. فهل يعقل أن يخفق قلبها لرجل رأته مرة واحدة ؟ وهي التي اعتقدت بالعلاقات التي يتركها، ذلك التلاقي ما بين الفكر والعقل؟ والإعجاب والاحترام؟ وكيف يأتي الحب إن لم ينهض على معرفة حقيقية بالطرف الآخر؟ أو ينتهي ويزول. لكن لماذا تفكر بهذا ؟ إنه رجل يأتي للمرة الثانية. تجمعها به اللغة وبعض الكلمات.‏

    كان قد اقترب. حيّاها وجلس على تلك المنضدة. دهمها سؤاله الأول. يريد طعاماً عربياً. أشارت إلى ميري بطرح الفكرة عليه. غير أنه طالب بهند .‏

    كان قلبها يخفق، إنه يريدها هي. تذرّعت بسبب عاجل وغادرت إلى البيت. عادت ميري تطلب من الرجل التريّث ريثما تعود هند المنشغلة بعض الشيء .‏

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20, 2024 2:24 am