roubaii.mohammed

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
roubaii.mohammed

ان المنتدى سيكون مميزن وميكون رهنا اشارت الجميعة. roubaii.mohammed


    أول حـب… آخر حـب 4

    Admin
    Admin
    Admin


    المساهمات : 128
    تاريخ التسجيل : 09/08/2009
    العمر : 33
    الموقع : roub.yoo7.com

    أول حـب… آخر حـب 4 Empty أول حـب… آخر حـب 4

    مُساهمة  Admin السبت أغسطس 29, 2009 7:19 am

    جلس بيل قرب هانك الذي راح يثرثر في أكثر من موضوع، إلى أن انتهى بقصة مرضه، وكيف ساعدته هند بلقاء مطوّل مع الطبيب، الذي بسّط له خطوات العمل الجراحي، وضرورة إجراء سريع له، فقد يستفحل المرض، وتصعب مقاومته وعلاجه، خاصة وأن المرض يبدأ بالقدمين، يصيبهما بعجز عن الحركة، أو يصلان إلى الشلل ، فتجرّأ آنذاك، واستسلم لمبضع الجرّاح، الذي كان له الفضل في شفائه .‏

    راقبه بيل. كان في الأمس يشكو من التعب . ونصحه بزيارة الطبيب الذي عالجه . سأله :‏

    ء ماذا قال الطبيب ؟‏

    ء قد أضطر لعمل جراحي آخر . إنه مصر أن التدخين سبب ما أنا به .‏

    ء اتركه !‏

    ضحك هانك .. هزّ رأسه في اللحظة التي مرّت هند. كان بيل يراقبها بإعجاب. تمتم :‏

    ء أشعر نحوها بالحب .‏

    ء وأنا أيضاً.‏

    ضحكا .. تابع هانك :‏

    ء ما زالت تحب جورج .. طلقت منه وتحبه .. ربما سيتزوّجان من جديد .‏

    ء هند لا تفعل هذا .‏

    ء وإن فعلت ؟‏

    ء لا أستطيع أن أتصوّرها معه ثانية .. لقد عذّبها كثيراً.‏

    التقت نظراتهما. وأخذا يضحكان. كان كل منهما يدرك مكانة هند عند الآخر. كانا صديقين لها، وكانا يهرعان إليها إن وقعت في ضيق، أو شعرا بحاجتها إلى المساعدة، وكانت هي تحاول في كل مناسبة ردّ الجميل .‏

    دخلت هند برفقة لين والصغيرة فالن. ألقيا التحية ومرّا. لاحظ بيل سلام لين الموجّه لهانك فقط، كما لاحظت هند ذلك، وفي لحظة هدوء سألت ابنتها عن سبب ذلك، فأجابت :‏

    ء لا أريدك أن تتحادثي مع بيل .‏

    ضحكت هند. تساءلت :‏

    ء لم ؟‏

    ء لا أدري ؟! لكنه يشبه الأرنب بأسنانه، ومشيته .‏

    تململت هند وهي تضحك للملاحظة. سألتها وهي تتفرّس بعينيها :‏

    ء وهانك ؟‏

    ارتبكت. أجابت وقد رقّ صوتها :‏

    ء هانك رجل طيّب، ولقد اعتذرت منه لما سبّبته له في السابق.‏

    أصبحت هند جادّة. قالت:‏

    ء أرجو ألاّ تضطري للاعتذار من بيل في يوم ما .‏

    ء أماه. إني لا أمزح . لا أحب بيل هذا .‏

    تململت هند . كان الهدوء قد خيّم على الجلسة، وكأنها فكّرت طويلاً، وهي التي تعرف مدى حب لين لها، ومدى غيرتها التي لا تبرير لها في أكثر الأحيان . قالت بشيء من الجدّية :‏

    ء ابحثي لي عن صديق . أنا امرأة عزباء .‏

    ء أماه .. مستحيل !‏

    ء لماذا مستحيل ؟ أنا امرأة في الخامسة والأربعين . لا ارتباط عندي . هذا يعني أن حياتي ملك لي، وليس للآخرين .‏

    ء أماه . أنا أحبك، ولا أريد أن تقعي في الخطأ .‏

    نهضت لين وهي تحضن ابنتها . كانت هند تلاحقها بكلمات التحبب، وكانت هي تبتعد وقد شدّت كتفيها إلى الوراء، فتهدّل شعرها الكستنائي. بدت جميلة باضطرابها وقلقها، أما هند التي أقسمت ألاّ تتزوّج ثانية . أقسمت أيضاً ألاّ تجلب الحزن إلى عيني لين وابنتها أبداً.‏

    سألها هانك بلهفة :‏

    ء ما بها لين ؟‏

    ابتسمت هند . تمتمت :‏

    ء إنه بيل .‏

    ضحك هانك من أعماقه، وقال :‏

    ء الحمد لله هذه المرة بيل، وليس أنا .‏

    أما بيل الذي ابتسم وقد احمرت أذناه، فقد آثر الصمت، واختلس نظرة من هند التي ربتت على كتفه، وابتعدت .‏ يتمتّع بيل بصفات الرجل الأمريكي الطيب. أرمل. يقارب الستين من العمر. يعمل مديراً لإحدى الشركات الخاصة بتأجير السيارات. يصف الأعمال كافة، بالدواء الشافي للأمراض العصابية. ورث عن أبيه ما جعله في بحبوحة عيش، وبعد أن أنهى أبناؤه مراحل الدراسة. أصبحت لهم حياتهم الخاصّة. رفض كل منهم تلقي المساعدة منه، وأعربوا عن احترامهم لأموره، وعليه بالمقابل السخاء على نفسه، والتمتّع بمباهج الحياة.‏

    يهوى بيل الرياضة والاستماع إلى الموسيقى، يمارس الجري في الصباح الباكر، يعرفه أكثر من في الجوار. يلقون عليه تحية الصباح. يوزّع الابتسامات، وهو الذي عرف بجرأته في المواقف الصعبة، يشعر بأن له حق التدخّل في شؤون أصدقائه، ذلك الحق الذي خوّله ذات يوم عرض بعض المال على إحدى عاملات البار، على اعتقاد أنها بحاجة ماسّة إليه، وكلّفه ذلك مزيداً من الثرثرة والاتهامات.‏

    لم يتبدّل بيل، فحب العطاء متأصل به. فلا يمر بذهنه خاطر له نفحة المساعدة إلاّ وهب لتحقيقها، يتابع الصحف ووسائل الإعلام، يبحث عن مزاد يكون ريعه للمحتاجين، وأكثر ما كان يهمّه، أخبار المعاقين، خاصة أولئك المولودين في ملاجئ الدولة، فيهرع إلى تلبية ذلك الدافع، الذي يحثّه على المبادرة، وتقديم ما يراه ملائماً. كان هانك وهند أحياناً يتوقّعان مجئ يوم، لا يرى معه ما يغطّي نفقاته اليومية. كان يضحك ويصف شعوره بالمد الذي لا يستطيع إيقافه، وكأن حياته ستنتهي إن لم يستجب لذلك النداء الذي يصرخ في أعماقه في كل مناسبة. لم يكن يريد شيئاً من هذه الحياة. يحب أبناءه وحفيديه، يحب الطعام بأنواعه. يعلّق بأن وجبة طيبة تجلب اللذة، وقد تنقّل في مطاعم توليدو، وفي شبابه تنقّل كثيراً في مدن كثيرة، ومطاعم كثيرة، وتذوّق مأكولاتها، فلم يتذوّق أطيب من الطعام العربي، خاصةً (الكبّة) بأنواعها، وكان يعدّد بعض أصنافها، فتخرج من شفاهه ملثوغة. كانت هند تضحك، فيضحك هو أو هانك وزوجته.‏

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20, 2024 4:55 am